Monday, July 4, 2011

الكرامات(كرامات الأولياء)

كثر تساؤل الناس في هذا الزمان عن الكرامات؛ هل هي ثابتة في الشرع؟ هل لها دليل من الكتاب والسنة؟ ما هي الحكمة من إِجرائها على يد الأولياء والمتقين؟ .. إِلخ. وبما أن موجات الإِلحاد والمادية، وتيارات التشكيك والتضليل قد كثرت في هذا الوقت، فأثرت في عقول كثير من أبنائنا، وأضلَّت العديد من مثقفينا، وحملتهم على الوقوف من الكرامات موقف المنكر الجاحد، أو الشاكِّ المتردِّد، أو المستغرب المتعجب نتيجة لضعف إِيمانهم بالله وقدرته وقلة تصديقهم بأوليائه وأحبابه.
فلا يسعنا إِلا أن نعالج هذا الموضوع إِظهاراً للحق، ونصرة لشريعة الله تعالى.

________________________________________



إثبات الكرامات:
لقد ثبتت كرامات الأولياء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي آثار الصحابة رضوان الله عليهم، ومَنْ بعدهم إِلى يومنا هذا، وأقرها جمهور العلماءِ من أهل السنة والجماعة، من الفقهاء والمحدِّثين والأصوليين ومشايخ الصوفية، وتصانيفُهم ناطقة بذلك، كما ثبتت كذلك بالمشاهدة العيانية في مختلف العصور الإِسلامية. فهي ثابتة بالتواتر في المعنى، وإِن كانت التفاصيل آحاداً ؛ ولم ينكرها إِلا أهل البدع والانحراف ممن ضعف إِيمانهم بالله تعالى وبصفاته وأفعاله [قال العلامة اليافعي رحمه الله تعالى: (والناس في إِنكار الكرامات مختلفون، فمنهم من ينكر كرامات الأولياء مطلقاً، وهؤلاء أهل مذهب معروف، عن التوفيق مصروف. ومنهم من يكذب بكرامات أولياء زمانه ويصدق بكرامات الأولياء الذين ليسوا في زمانه كمعروف الكرخي والإِمام الجنيد وسهل التستري وأشباههم رضي الله عنهم، فهؤلاء كما قال أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: والله ما هي إِلا إِسرائيلية، صدقوا بموسى وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم لأنهم أدركوا زمنه. ومنهم من يصدق بأن لله تعالى أولياء لهم كرامات ولكن لا يصدق بأحد معيَّنٍ من أهل زمانه). روض الرياحين، للإِمام اليافعي ص18].

________________________________________

الدليل عليها من كتاب الله تعالى:
1ـ قصة أصحاب الكهف وبقائهم في النوم أحياء سالمين عن الآفات مدة ثلاثمائة وتسع سنين، وأنه تعالى كان يحفظهم من حر الشمس: {وتَرى الشمسَ إذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عنْ كهفِهِم ذاتَ اليمينِ وإذا غَرَبَتْ تقرِضُهُم ذاتَ الشمالِ} [الكهف: 17]. إِلى أن قال: {وتحسَبُهُم أيقاظاَ وهُمْ رُقودٌ ونُقلِّبُهُم ذات اليمين وذات الشمال وكلْبُهُم باسِطٌ ذراعيهِ بالوصيدِ} [الكهف: 18]. إِلى أن قال: {ولَبِثوا في كَهْفِهِم ثلاثمئةٍ سنين وازدادوا تسعاً} [الكهف: 25] [قال الإِمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره الكبير عند قصة أصحاب الكهف: (احتج أصحابنا الصوفية بهذه الآية على صحة القول بالكرامات وهو استدلال ظاهر، فنقول: الذي يدل على جواز كرامات الأولياء القرآن والأخبار والآثار والمعقول..) انظره مفصلاً في التفسير الكبير للعلامة فخر الدين الرازي ج5 ص682].
2ـ هزُّ مريم جذعَ النخلة اليابس، فاخضرَّ وتساقط منه الرُّطَبُ الجني في غير أوانه، قال تعالى: {وهُزِّي إليكِ بجذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عليكِ رُطَباً جنيّاً} [مريم: 25].
3ـ ما قص الله علينا في القرآن، من أن زكريا عليه السلام كان كلما دخل على مريم المحراب، وجد عندها رزقاً، وكان لا يدخل عليها أحد غيره عليه السلام فيقول: يا مريم أنَّى لك هذا ؟ تقول: هو من عند الله. قال الله تعالى: {كلَّما دخَلَ عليها زكريا المحرابَ وَجَدَ عندَها رِزْقاً قال يا مريمُ أنَّى لكِ هذا قالَتْ هوَ مِنْ عندِ اللهِ} [آل عمران: 37].
4ـ قصة آصف بن برخيا مع سليمان عليه السلام على ما قاله جمهور المفسرين في قوله تعالى: {قالَ الذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتابِ أنا آتيكَ بهِ قبْلَ أنْ يرتَدَّ إليكَ طرفُكَ} [النمل: 40]. فجاء بعرش بلقيس من اليمن إِلى فلسطين قبل ارتداد الطرف.

الدليل عليها من السنة الصحيحة:
1ـ قصة جُرَيْجٍ العابد الذي كلمه الطفل في المهد. وهو حديث صحيح أخرجاه في الصحيحين [عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يتكلم في المهد إِلا ثلاثة: عيسى، وكان في بني إِسرائيل رجل يقال له جُرَيْج، كان يصلي فجاءته أمه، فدعتْه، فقال: أُجيبُها أوْ أصلي ؟ فقالت: اللهم لا تمتْه حتى تريه وجوه المومسات. وكان جريج في صومعته فتعرّضت له امرأة وكلمته ؛ فأبى. فأتت راعياً، فأمكنته من نفسها، فولدت غلاماً، فقالت: من جريج. فأتوه فكسروا صومعته، وأنزلوه وسبّوه، فتوضأ وصلّى، ثم أتى الغلام ؛ فقال: مَن أبوك يا غلام ؟ فقال: الراعي. قالوا: نبني صومعتك من ذهب ؟ قال: لا، إِلا من طين.."].
2ـ قصة الغلام الذي تكلم في المهد [وهذا تمام الحديث المذكور آنفاً: ".. وكانت امرأة ترضع ابناً لها من بني إِسرائيل، فمر بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها وأقبل على الراكب، فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه". قال أبو هريرة: كأني أنظر إِلى النبي صلى الله عليه وسلم يمص إِصبعه. "ثم مرَّ بأمَة، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها، فقال: اللهم اجعلني مثلها. فقالت: لِمَ ذاك ؟ فقال: الراكب جبار من الجبابرة، وهذه الأمَة يقولون: سرقت، زنت، ولم تفعل". رواه البخاري في صحيحه في كتاب ذكر بني إِسرائيل، واللفظ له. ومسلم في كتاب بر الوالدين].

comments: 0

Post a Comment

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : مدونة سامكو